الصورة
محمد رسول الله والمعجزة الخالدة

هنالك العديد من المحاولات من أعداء الرسالة السماوية الخاتمة، وأعداء الرسول عليه السلام  المبعوث رحمة للعالمين، وأعداء الوحي المنزل من عند الله سبحانه وتعالى - الذي اعترف به كبار الرهبان والأحبار مثل ورقة بن نوفل وعبد الله بن سلام وبحيرة قديماً، واعتنقه إمبراطور الحبشة النجاشي، وأوشك على اعتناقه عظيم الروم هرقل، بناء على بشارات الرسول العربي عليه السلام في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد - لتصوير الإسلام عبر القرون بأنه ديانة وضعية موجهة للعرب دون سواهم، وأن محمداً عليه السلام ما هو إلا شاعر، وأن القرآن الكريم لا يعدو كونه شعراً.

وقد تجلى ذلك في كتابات المستشرقين، ومترجمي معاني القرآن الكريم إلى اللغات المختلفة، وكتابات أشباه المثقفين الذين لم يطلعوا على المصدر الإسلامية من منبعها من الإعلاميين، وأتباع بعض الديانات السماوية في أصلها الذين أساءوا تأويل لفظ الجلالة وأسمائه وصفاته، فقدموا مفهوماً مشوهاً لله سبحانه وتعالى.  وقد عالج المحاضر تلك الافتراءات والافتئات على الحقائق استناداً إلى الحقائق والإعجاز العلمي في القرآن والكريم والسنة النبوية الشريفة، مركزاً على محورين رئيسين:

1. الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية.

2. تطابق البشارات بالبعثة المحمدية في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، والقرآن الكريم.

وقد أشار المحاضر إلى وجود العديد من أوجه الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وهو ما يجعل منها معجزة خالدة منذ البعثة المحمدية حتى قيام الساعة. وهل يستطيع المغرضون حجب الشمس بالغربال؟ فرغم الجدر التي يقيمها أعداء الوحي لحجب نوره عن البشرية بأسرها، ترى أن من يتحلى بالموضوعية ويبحث عن الحقيقة سرعان ما يدرك أن ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة لا يمكن أن يكون من صنع البشر، سيما وأن الآيات والأحاديث المعجزة قد أثبتها العلم في القرنين العشرين والواحد والعشرين.

وها هو الجراح الفرنسي موريس بوكاي يطلع على ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية، فيذهل عندما يقرأ تطور الجنين من نطفة إلى علقة ثم إلى مضغة، وهو الذي كان وأقرانه يعتقدون أن الجنين يتكون دفعة واحدة، وعليه فقد أصدر كتابه الأول الذي هر الأوساط العلمية العالمية، الموسوم بـ:

(La Bible, La Quran et La science)

(The Bible, the Quran and science)

(الكتاب المقدس والقرآن والعلم)

وهذا يشير إلى دور الترجمة الدقيقة في توضيح صورة الإسلام لأبناء الحضارات الأخرى.

وتأييداً للإعجاز العلمي في القرآن الكريم فيما يتعلق بتطور الأجنة، نرى السنة النبوية توضحه بالتفصيل، فقد ورد في الحديث النبوي: قال صلى الله عليه وسلم:

(إنَّ أحدَكُم يُجمَعُ خلقُهُ في بطنِ أمِّهِ أربعينَ يومًا ثمَّ يَكونُ في ذلك عَلقةً مثلَ ذلِكَ، ثمَّ يَكونُ مضغةً مثلَ ذلِكَ، ثمَّ يرسلُ الملَكُ فينفخُ فيهِ الرُّوحَ) [رواه مسلم] ،وعندها يبدأ الجنين - أي بعد 120 يوماً - بالحركة في بطن الأم.

وقد استطاع العلامة الدكتور عبد المجيد الزنداني بأسلوبه الميداني الرائد في نشر الإعجاز العلمي من التأثير على عالم الأجنة كيث مور، الذي ترجم كتابه إلى عشرات اللغات نطراً لقيمته العلمية، فأصدر طبعة جديدة لكتابه في رؤية إسلامية، نظراً لاقتناعه بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية من آيات وأحاديث معجزة.

ونوه المحاضر إلى الجدوى الإيمانية والجدوى العلمية أو الأكاديمية والجدوى الاقتصادية (براءات الاختراع) والجدوى الدعوية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وأوصى بمأسسة هذا الجانب بإدراجه في المناهج الدراسية في المدارس والجامعات، وافتتاح أقسام علمية في الجامعات العربية والإسلامية أو كليات علمية، وتفعيل الإشراف العلمي المشترك مع الجامعات العالمية إضافة إلى تفعيل البحث العلمي المشترك في هذا المجال.

أما المحور الثاني الذي عالجه المحاضر فهو تطابق ما ورد في القرآن الكريم والكتاب المقدس بعهديه من بشارات حول البعثة المحمدية. فكما ورد في القرآن الكريم في سورة الصف: (﴿وَإِذۡ قَالَ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ يَٰبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُم مُّصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَمُبَشِّرَۢا بِرَسُولٖ يَأۡتِي مِنۢ بَعۡدِي ٱسۡمُهُۥٓ أَحۡمَدُۖ فَلَمَّا جَآءَهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ قَالُواْ هَٰذَا سِحۡرٞ مُّبِينٞ٦﴾ [الصف: 6]، نجد أن الكتاب المقدس يبشر بالبعثة المحمدية محدداً اسم الرسول العربي عليه السلام، والجهة التي بُعث منها وهي جبال فاران (مكة المكرمة)، وعدد الصحابة الذين دخلوا فاتحين لمكة المكرمة بقيادة النبي محمد عليه السلام وهو عشرة آلاف قديس (صحابي)، فقد ورد في سفر حجي ما يلي:

(7- وأزلزل كل الأمم، ويأتي مشتهى كل الأمم) فمن هو مشتهى الأمم؟ إن كلمة (مشتهى) المذكورة هي (حمدوت) باللغة العربية، أي محمود كل الأمم، وقد حاء في حاشية الأصل العبري: (مشتهى كل الأمم حمدوت)، أي الذي تحمده كل الأمم.

كما ورد ما يلي في العهد الجديد:

15- إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي.

16- وأنا أطلب من الأب فيعطيكم فارقليط آخر ليثبت معكم إلى الأبد.

26- وأما الفارقليط روح القدس الذي سيرسله الأب باسمي، فهو يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم.

وفي الإصحاح السادس عشر:

7- لكني أقول لكم الحق، إنه خير لكم أن أنطلق، لأنه إن لم أنطلق، لا يأتيكم الفارقليط، فأما إن انطلقت فإني أرسله إليكم.

13- ولكن متى جاء هو روح الحق فإنه يعلمكم الحق، لأنه لا يتكلم من عند نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية.

وفي ظل ما تقدم فقد ارتأى المحاضر ضرورة صوغ خطاب إسلامي عالمي يرتكز على العلم والعقل، لإبراز الرسالة السماوية العالمية الخاتمة، التي نزلت علة الرسول العربي الأمين، لتظل رسالة خالدة لما تحويه من معجزات، ولما تحويه من قيم سامية راسخة، دعت إليها الرسالات السماوية جمعاء.

وتأتي هذه المحاضرة ضمن النشاطات الشهرية التي تقيمها الجمعية في الدعوة إلى الله على بصيرة، شارحة لسنن الله في الأنفس والآفاق، وآيات الله في الكون، وقد حضر المحاضرة جمهور من العلماء والمختصين.

 

أ. د. وجيه عبد الرحمن

باحث في حوار الحضارات

[email protected]