الصورة
ﻧﻈﺎم اﻟﻮﻗﻒ ﻓﻲ اﻟﺘﻄﺒﻴﻖ اﻟﻤﻌﺎﺻر: تجربة دولة ماليزيا نموذجاً

ﻧﻈﺎم اﻟﻮﻗﻒ ﻓﻲ اﻟﺘﻄﺒﻴﻖ اﻟﻤﻌﺎﺻر: 

تجربة دولة ماليزيا نموذجاً

د. محمد فردوس عبد الرحمن

(7 – ج)

 

 

 

المقدمة

أن رغبة ملحة لدى الجهات الرسمية والشعبية المعنية بشؤون الوقف في أنحاء العالم الإسلامي لإصدار نظام وقفي يحفظ للوقف مقاصده وفقا لتطورات المعاصرة، ويسهم في الرفع من شأن هذه السنة النبوية الشريفة، مما سينعكس إيجابا وسيكون له بالغ الأثر في مستقبل الوقف في أنحاء العالم. وتعنى هذه الورقة بدراسة واستقصاء التوجهات المستقبلية لهيئات الأوقاف بماليزيا؛ لأن المذهب المعتمد في استنباط الحكم الشرعي في معظم الولايات في ماليزيا هو المذهب الشافعي. ونشرت فتاوى في جريدة الحكومة بولاية ترنغانو في 22 إبريل 2004م، فقرر فيها المفتي ولجنة الإفتاء أن الواقف أو ورثته لا يمكن أن يرجعوا فيه بعد تمام إجراءات الوقف؛ لأن ذلك يعتبر خروجا للعين من ملك الله تعالى. وكذلك الفتوى التي صدرت بولاية جزيرة بينانغ في 9 نوفمبر 2000م عن الوقف الخيري، وقد بني فيه مسجد وسمي بمسجد الشيخ ايسوف، وقد قررت اللجنة أن الوقف سيبقى أبدا ولا ينقطع، ولا يصح التقييد بزمن في صيغة الوقف؛ لأن الغرض من الوقف هو الصدقة الجارية لكونه مؤبد. 

 

إدارة الوقف في دولة ماليزيا

أن نظام الحكم في ماليزيا فيعتبر ملكا دستوريا، أما من حيث الممارسة فهو نظام جمهوري ذو تمثيل نيابي، ويعتبر الملك هو رأس الدولة، ويمثل رئيس الحكومة رئيس الوزراء. وينص القانون الدستوري لدولة ماليزيا لسنة 2003م في المادة (3) على أن السلطان هو السلطة العليا فيما يتعلق بدين الإسلام في ماليزيا. أما في الولايات التي ليس لديها سلطان مثل ولاية صباح، وسرواك، وملاقا، وبنانك، فأنها تتبع الرئيس الأعلى لماليزيا أي السلطان الأعظم.

ومع ذلك، تقع الأمور المتعلقة بالشؤون الدينية الإسلامية والعادات والتقاليد الماليزية تحت سلطان الولاية بحكم القانون المعمول به ومنها الوقف، لذا كان من الطبيعي أن تكون أموال الوقف بيد السلطان، وهذا كما ذكرت لائحة التشريعات في الجدول التاسعة القائمة الثانية من قائمة الولاية. فإن حكومة الولاية لديها الاختصاص لإنشاء المجلس الديني الإسلامي في الولاية المعينة، وهذا المجلس له سلطته ومصادره الخاصة في كل الولايات. والآثار المترتبة على ذلك أن إدارة الشؤون المتعلقة بالدين الإسلامي تسير بشكل منفصل في كل ولاية وليست موحدة سواء في التشريع، أو الإدارة أو التنفيذ فيما بين الولايات الماليزية.  فإذا كان عدد الولايات الماليزية 14، فإن عدد مجالسها الدينية هو 14 مجلسا. وتم تأسيس مجلس الشؤون الدينية أو الإسلامية في كل ولاية لأجل مساعدة السلطان في الشؤون الدينية لكونه الزعيم الديني والثقافي فهو بالتالي رئيس المجلس الإسلامي للولاية، ويختص هذا المجلس بالاعتقاد الإسلامي والأحوال الشخصية من زواج وطلاق وزكاة ونذور ووقف وغير ذلك من القضايا الدينية كما تم التنصيص عليها في القانون الدستوري الفدرالي. فإن جميع الأموال الموقوفة في ماليزيا سواء كانت منقولة أو غير منقولة، يسيرها ويديرها المجلس الديني الإسلامي كناظر وحيد للأوقاف في كل الولايات وذلك بشرط موافقة سلطان الولاية. 

 

 

 

القانون للوقف المعمول به في دولة ماليزيا

 أن معظم تشريعات الوقف الخاصة بكل ولاية لا تخصص على وجه التحديد كيفية إدارة الأموال الموقوفة، باستثناء ولايات مثل ملاقا، ونيجري سمبيلان، وسلانجور، وبيرق، وترنغانو، وجوهر. وهذا لا يعني أبدا أن هذه الولايات الستة لا تتبع قانون إدارة الدين الإسلامي المتبع في معظم الولايات بل يتكامل بعضها مع بعض. ولولاية جوهر لها القانونان المعمولان بها؛ قواعد الأوقاف لسنة 1983م، وقانون إدارة الدين الإسلامي في ولاية جوهر لسنة 2003م. كما في الجدول الآتي:

 

الجدول رقم (1): القانون الشرعي للوقف المعمول به في دولة ماليزيا عام 2021م

القانون

الولاية

قانون الوقف في ولاية ترنغانو 2016م ترنغانو
قانون الوقف في ولاية سلانجور 2015م سلانجور
قانون الوقف في ولاية بيرق 2015م بيرق
قانون الوقف في ولاية ملاقا 2005م ملاقا
قانون الوقف في ولاية نيجري سمبيلان 2005م نيجري سمبيلان

قواعد الأوقاف   في ولاية جوهر1983م / 

قانون إدارة الدين الإسلامي في ولاية جوهر 2003م

جوهر

قانون إدارة الدين الإسلامي في ولاية   قدح 2008م

قدح

قانون إدارة الدين الإسلامي في ولاية   برليس 2006م

برليس

قانون إدارة الدين الإسلامي في ولاية   بنانك 2004م

بنانك

قانون إدارة الدين الإسلامي في ولاية   صباح 2004م

صباح

قانون إدارة الدين الإسلامي في ولاية   سرواك 2001م

سرواك

قانون إدارة الدين الإسلامي في ولاية كلنتان 1994م 

كلنتان
قانون إدارة الدين الإسلامي في ولاية كولا لامبور 1993م كولا لامبور
قانون إدارة الدين الإسلامي في ولاية بهنك 1991م بهنك

 

كما أن هناك دورا واضحا لمفتي الولاية في دعم مشاريع الوقف في ولايته كما هو منصوص عليه في قانون إدارة الدين الإسلامي، لأن المفتي يكون الرجل الثاني بعد الملك ومستشار الملك فيما يتصل بمسؤولية الشؤون الدينية في الولاية. وأما المذهب المعتمد في ماليزيا فهو المذهب الشافعي، لذا فإن المفتي ملزم بالإفتاء بالقول المعتمد في هذا المذهب إلا إذا استوجبت المصلحة، فإنه يتخير قولا من بين الأقوال المعتمدة في باقي المذاهب الإسلامية الثلاثة؛ الحنفي أو المالكي أو الحنبلي أيهم أقرب للمصلحة الشرعية، وإلا فله أن يجتهد جماعيا بمساعدة لجنة الإفتاء بما يكون موافقا مع الشريعة والمتطلبات المعاصرة.

 

المناقشة والتوصيات

من أهم نتائج  هذه الورقة أن ﻧﻈﺎم اﻟﻮﻗﻒ دولة ماليزيا ﻓﻲ اﻟﺘﻄﺒﻴﻖ اﻟﻤﻌﺎﺻر:

  1. أن تعريف الوقف في ماليزيا جامع وغير مانع، لذلك يجب أن يعرف الوقف تعريفا جامعا مانعا، حتى لا يتعارض بعض المواد مع بعضها الأخرى. ويجب أن يصرح في تعريف الوقف المنصوص عليه في قانون الوقف لكل الولاية في ماليزيا. 

  2. ولا ينبغي اقتصاره على مذهب معين دون النظر إلى تعريف أوسع وأنسب للظروف الحالية واﻟﺘﻄﺒﻴقات اﻟﻤﻌﺎﺻرة، لأن آثاره ضخمة وتشمل مبادئ الوقف ومقاصده وأركانه وشروطه. 

  3. ونظام الوقف بمعظم الولايات في ماليزيا لا تجيز الوقف المؤقت، وانتهاء الوقف، ورجوع الوقف. وهذا دليل على أن نظام الوقف في دولة ماليزيا تتفق مع مقاصد الوقف أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث، ويكون الوقف مستمرا غير مقطوع

  4. وللواقف له أن يشترط شروطا صحيحة ويجب على الناظر العمل بها بشرط ألا يتنافى مقاصد الوقف، ولا تفوت منه مصلحة الموقوف عليه والأموال الموقوفة، وكذلك لا يخالف النظام العام، وللواقف حق في تعديل وتغيير شروط الوقف الصحيحة متفقا مع القانون. 

  5. وتقترح هذه الورقة تشجيع هيئات الأوقاف لكل ولاية في ماليزيا على تقويم المواد القانونية المنصوصة في قانون الوقف الحالي حتى تتفق مع مقاصد الوقف لمصلحة الواقفين والموقوف عليهم والأموال الموقوفة وفقا لتطورات المعاصرة.