دور علماء الأردن في تعزيز الأسرة لتحقيق الأمن المجتمعي بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد؛ قال تعالى: "........ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ....." [فاطر: 28] وبيّن لنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن العلماء ورثة الأنبياء، فعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من سلَكَ طريقًا يبتغي فيهِ علمًا سلَكَ اللَّهُ بِهِ طريقًا إلى الجنَّةِ وإنَّ الملائِكةَ لتضعُ أجنحتَها رضاءً لطالبِ العلمِ وإنَّ العالمَ ليستغفرُ لَهُ من في السَّمواتِ ومن في الأرضِ حتَّى الحيتانُ في الماءِ وفضلُ العالمِ على العابدِ كفضلِ القمرِ على سائرِ الكواكبِ، إنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درْهمًا إنَّما ورَّثوا العلمَ فمَن أخذَ بِهِ فقد أخذَ بحظٍّ وافرٍ)، أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد. لقد كانت مهمة الأنبياء التبليغ والدعوة والتربية والبيان ونشر عقيدة التوحيد، ولقد تحملوا في سبيل ذلك الصعاب والمشاق؛ فها هو نبي الله تعالى موسى عليه السلام يأتي لينقذ شعباً تحت الجور، بينما جاء عيسى عليه السلام ليخفف عن الشعب التشدد ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، وكان خاتم الأنبياء محمد - صلى الله عليه وسلم - رحمةً للعالمين فكانت مهمته هي الأعظم. فكيف تتحقق هذه المهمة بينما عاش عليه الصلاة والسلام ثلاثاً وستين سنة منها أربعون قبل الوحي؟! ولا شك أن المهمة يستكملها أتباعه عبر الزمان والمكان بقيادة العلماء، قال تعالى: "لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا" [الأحزاب: 21] وطلب منا عليه السلام أن نبلغ فقال: (بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً، وَحَدِّثُوا عن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، وَمَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)، رواه البخاري وأحمد وغيرهما. وإذا كانت عناية الإسلام بالمجتمع والعالم فإن الأسرة هي الوحدة الأولى في البناء المجتمعي، لهذا اعتنى الإسلام بها واعتبرها آية من آيات الله، قال تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الروم: 21]، ولهذا يقوم العلماء بحض الشباب على الزواج واختيار المرأة الصالحة، كما يوجهون أولياء الأمور أن يزوجوا بناتهم لمن يرضون دينهم وخلقهم. ويعظ العلماء الناس عبر المساجد ووسائل الإعلام لتصحيح سلوكهم وعدم الاعتداء على حقوق الآخرين باعتبار أن الدين النصيحة، كما يقوم العلماء بالتربية السلوكية، فعن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَن كانَ لَهُ ثلاثُ بَناتٍ فصبرَ عليهنَّ، وأطعمَهُنَّ، وسقاهنَّ، وَكَساهنَّ مِن جِدَتِهِ كنَّ لَهُ حجابًا منَ النَّارِ يومَ القيامَةِ) أخرجه ابن ماجه وأحمد، وفي سنن الترمذي عن عبدالله بن عباس قال: كنتُ خلفَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومًا قال يا غلامُ، إني أعلِّمُك كلماتٍ: احفَظِ اللهَ يحفَظْك، احفَظِ اللهَ تجِدْه تُجاهَك، إذا سألتَ فاسألِ اللهَ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ، واعلمْ أنَّ الأمةَ لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيءٍ، لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ لك، وإنِ اجتمعوا على أن يضُرُّوك بشيءٍ لم يضُروك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ عليك، (رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفَ)، وعن عمر بن أبي سلمة: (أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُتيَ بطَعامٍ، فقال: يا عُمَرُ - قال هشامٌ -: يا بُنَيَّ، سَمِّ اللهَ عزَّ وجلَّ، وكُلْ بيَمينِكَ، وكُلْ ممَّا يَليكَ. قال: فما زالت إكلَتي بَعدُ)، أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي في (السنن الكبرى)، وابن ماجه، وأحمد واللفظ له. ويوصي العلماءُ الرجالَ بالنساء خيراً وبهذا يتحقق الأمن الأسري الذي هو أساس الأمن المجتمعي. وفي حال وجود الخلاف بين الزوجين يتمسك العلماء بالصلح قال تعالى: "............ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ ۚ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا" [النساء: 128]، ولهذا أوجدت دائرة قاضي القضاة مديرية للإصلاح الأسري قبل أن تنهار الأسرة، كما يقوم العلماء الذين يصلون إلى مجلس النواب بسن التشريعات التي تحفظ الأسرة ولهذا نجد موافقة كل علماء العالم الإسلامي على فتوى اعتبار طلاق الثلاث طلقة واحدة لأن الله تعالى قال : "الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ ..........." [البقرة: 229] وهذا الرأي جاء نتيجة للتدبر في كتاب الله تعالى. ويحذر العلماء من المهلكات كالخمر والمخدرات والدخان والزنا والفواحش وهذا ما يوفر على الدول جهداً كبيراً ويقطع دابر المتاجرين بهذه السلع المدمرة والمحرمة، كما يدعو العلماء للرضى بقضاء الله ويحضون الناس على الصبر والرضا وبخاصة أننا نرى بعضهم يذهب للانتحار نتيجة ظروف اجتماعية أو اقتصادية. إن دور العلماء دور أساس وعلى الدول أن تمكنهم من وسائل الاتصال بالناس ليوصلوا ما عندهم من مبادئ تساعد في حل مشاكل المجتمع وتحفظ الأسرة حتى لا يكون لدينا تفكك أسري نجني من ورائه جرائم خطيرة على الفرد والمجتمع. د. بسام العموش
الصورة