الصورة
آفاق في حوار الحضارات

قال الدكتور وجيه عبد الرحمن الأستاذ في كلية الآداب بجامعة الإسراء حالياً والإعلامي العريق في هيئة الإذاعة البريطانية سابقاً أن نسبة المواليد غير الشرعيين في أوروبا وأمريكا اللاتينية بلغت 74‎%‎ بسبب التدمير الممنهج الذي يتعرض له مفهوم الأسرة في العالم اليوم!

وجاءت هذه التصريحات في محاضرة له عن (حوار الحضارات) نظمتها (الجمعية الأردنية لإعجاز القرآن والسنة) مساء السبت 23 / 11 / 2019.

وأضاف البروفيسور عبد الرحمن بأن الأمم المتحدة قد عرفت الأسرة قبل عشر سنوات في أحد مؤتمراتها الأممية بأنها تتكون من أي شخصين بغض النظر عن الجنس حتى لو كان متماثلاً أو شرعية العلاقة بأن كانت ضمن الزواج أم لا.

وقال بأن هذا التعريف يعد بمثابة إبادة ممنهجة للبشرية والإنسانية، ثم جاءت إباحة الإجهاض والدفاع عما سُمِّي كذباً بــ (حقّ) المرأة بالإجهاض، ليكمل حلقة الإبادة والتدمير والانحلال، فإذا علمنا بأن عدد المصابين بالإيدز اليوم أكثر من 50 مليوناً وهذا العدد المسجل رسمياً فضلاً عن عشرات الملايين من المجهولين غير المسجلين، هنا تتضح قتامة المشهد المتربص بمستقبل البشرية بأسرها، ومن هنا تنبع أهمية (حوار الحضارات) الإنسانية، لأن الحضارة ترتبط بالشعوب والعلم والعولمة، وإن أول من باشر بعولمة الرحمة والعلم هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

وأضاف المحاضر بأن الحوار بدأ في صدر الإسلام، وشمل الأفراد والقبائل والأمراء والملوك والأباطرة، ومنهج النبي صلى الله عليه وسلم في نشر الرسالة والدعوة إلى الإسلام كان هو (الحوار)، وقد بدأ الإسلام الحوار منذ نشأته مع أتباع الديانتين المسيحية واليهودية لأن الحوار مسلّمة في قاموس الأنبياء، قال تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).

و (حوار الحضارات) هو عولمة الرسالة العالمية التي حاول المستشرقون جاهدين أن يقزموها بحصر رسالة الإسلام في العرب وحدهم.

ويقول المحاضر: اطلعت بالتفصيل على 22 ترجمة للقرآن الكريم فشاهدت ذلك بعيني حيث يقول المترجم جورج سيل في ترجمته لقوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً) بأنها الأمة العربية حصراً وإقحاماً وتحجيماً!

وقد حذر المحاضر من مصطلحات خطيرة بدأت تتسرب إلى كتبنا وإعلامنا وأفلامنا ومسلسلاتنا مثل مصطلح (الزواج المثلي) أو المصطلح الإنجليزي المستحدث (to make love) وترجم حرفياً بــ (ممارسة الحب) بديلاً لفظياً عن الزنا والعلاقة الجنسية غير الشرعية.

على الجهة المقابلة فقد أكد الدكتور وجيه عبد الرحمن بأن الإسهام العربي الإسلامي في الحضارة الإنسانية لم يتوقف قط بل دوره في الغرب ريادي وبارز، وضرب على ذلك العديد من الأمثلة.

فهناك مدارس تتكون في الغرب من دبلوماسيين وفنانين ومؤلفين ومفكرين اعتنقوا الإسلام، ومنهم سفير ألمانيا في المغرب مراد هوفمان الذي ألف كتاباً ضمّنه كتاباً رسمياً صادراً عن وزارة الخارجية الألمانية ينص على (أن إسلام مراد هوفمان لا يتعارض مع كونه سفيراً لألمانيا في المغرب).

كما الأمير شارلز ولي العهد البريطاني يقول بأن هناك بعض المناحي في الإسلام لا بد من تطبيقها في المجتمع البريطاني.

أما كبير أساقفة بريطانيا كانتبيري يؤكد على أنه لا بد للنظام البريطاني أن يستفيد من بعض جوانب الشريعة الإسلامية.

وكلنا نذكر في الثمانينات عندما طردت فتاة مسلمة في فرنسا من جامعتها بسبب حجابها ذهبت الأميرة ديانا إلى المركز الإسلامي في لندن مرتدية الحجاب.

حتى أن بعض المؤسسات المالية في بريطانيا اتخذت شعاراً حرفياً (لا ربا).

أما المدارس الإسلامية غير المختلطة في بريطانيا فقد حققت مؤخراً المراكز الأولى تعليمياً وأكاديمياً.

وفي الأسبوع الفائت صدح الأذان بمكبرات الصوت من المساجد في وسط مدينة لندن، علماً بأنه يوجد مصلّى داخل قصر باكنغهام مقر ملكة بريطانيا للمسلمين من موظفي القصر الملكي.

وفي الولايات المتحدة الأمريكية فقد ألّف جورج بوش (الجدّ) وهو عالم لاهوت كتاباً بعنوان: (محمد مؤسس إمبراطورية جديدة) يقول فيه: "هناك إشارات في الإنجيل عن الإسلام، إلا أن الإسلام كان سوط عذاب سُلِّط على الكنيسة لأنها ضلت الطريق وسيرفع عنها عندما تعود إلى الرشد".

وفي النهاية أكد المحاضر على أن نظرية "صدام الحضارات" التي جاء بها صاموئيل هنتنغتون عام 1996 بعد انتهاء الحرب الباردة والتي جعل فيها (الدين) هو سبب الصراعات القادمة نظرية خاطئة لم يحسن كاتبها قراءة الدين الإسلامي ولا الأديان الأخرى، ولكنها للأسف هي المحرك الرئيسي لاستراتيجية الولايات المتحدة والدول الكبرى في العالم اليوم!

وأن (حوار الحضارات) الذي يطرحه الإسلام هو الضامن لحفظ البشرية من الإبادة الحربية والأخلاقية!