الصورة
عندما تهطل الشهب صباحاً

الحقيقة العلمية:

عرف الناس الشهب والنيازك منذ فجر التاريخ فهما ظاهرة سماوية وحقيقة لا تغيب عن أبصار المتأملين في ليل السماء. وتختلف الشهب عن النيازك في أن الشهب ترى محترقة كخيوط ضوئي في السماء وهي كثيرة ولا يصل منها إلى سطح الأرض سوى رماد لا ندرك أثره، في حين أن النيازك أكبر حجماً من الشهب وتتميز بأنها تصل الأرض فتحدث في غالب الأمر أثراً لكن عددها قليل وهي نادرة السقوط وذلك رحمة من الله تعالى بعباده. إضافة إلى ذلك فهناك ما يعرف بزخات الشهب وهي أسراب من الشهب تدخل الغلاف الجوي في مواعيد محددة من السنة وبأعداد كبيرة وسببها تقاطع الكرة الأرضية أثناء دورانها حول الشمس مع مدار أحد المذنبات التي كانت قد زارت الشمس ثم ولت قافلة إلى مدارها البعيد تاركة كثيراً من المخلفات الغبارية والترابية خلفها تدور في نفس مدار المذنب الأب، فإذا ما حدث التقاطع دخلت هذه الأتربة في غلافنا الجوي بشكل زخات شهب تبدو للناظر وكأنها تأتي جميعاً من موقع واحد كبرج الدلو فتسمى باسمه (شهب الدلويات) أو برج الأسد (شهب الأسديات) ... إلخ.

ويقوم الفلكيون في هذه المناسبات برصد هذه الشهب وتسجيل كامل المعلومات عنها في تقرير ينم إرساله فوراً إلى منظمة الشهب الدولية التي تعنى بتحليل المعلومات الواردة في هذه التقارير من مختلف بلدان العالم لتحديد مسار المذنب وبمدار بقاياه وهل يمكن أن يكون للمذنب خطر على الأرض مستقبلاً ؟

فبحسب الأرصاد العلمية التي قمت بها شخصياً وزملائي وهواة الفلك في العالم والتي تم توثيق نتائجها أولاً بأول في موقع منظمة الشهب الدولية  International Meteor Organization IMO ومقرها في ألمانيا، فإن عدد الشهب التي تتساقط من بعض الزخات تتزايد كلما اقترب موعد الصبح، إلى أن تبلغ ذروتها بعيد الفجر، وحيث إن ضوء النهار يزداد شيئاً فشيئاً بعيد الفجر فإن أرصادنا الفلكية عادة ما تتوقف عند الفجر كي لا يؤثر فضوء النهار في علمية التقارير ودقتها، لكن الراصدين بالراديو يظلون يستقبلون إشارات تساقط الشهب التي تدخل الغلاف الجوي حتى بعد أن ترتفع الشمس في السماء.

هل تهطل الشهب صباحاً على الدوام؟

تعتمد شدة هطول الشهب على عوامل عدة:

  • وجود مخلفات حديثة ومتكاثفة للمذنب.
  • مرور الأرض في مركز ذيل/ مخلفات المذنب.
  • وقوع الذروة وقت الصبح.
  • وجود مركز الإشعاع في سمت الرأس.

وقد تحققت جميعاً في أحداث عذاب قوم سيدنا لوط

وجه الإعجاز:

أورد القرآن الكريم في سورة هود قوله تعالى: (قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) [هود: 81 - 83].

وأما في سورة الحجر فقال تعالى: (وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ) [الحجر: 66].

وقال: (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ) [الحجر: 73 - 74].

ويقول في سورة الذاريات: (قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ) [الذاريات: 32 - 34].

وأما في سورة القمر فيقول تعالى: (وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ) [القمر: 38].

 

ووجه الإعجاز في هذه الآيات أن الله تعالى قد ذكر بأن الصبح هو موعد عذاب قوم سيدنا لوط، وقد جاء بشكلين أوثلاثة من أشكال العذاب: الخسف والنيازك والصيحة.

وما يهمنا في هذا المقام هي النيازك التي وصفها الله تعالى بأنها حجارة من سجيل، قيل أي أنها حجارة من طين مطبوخ كالآجر، وقيل أنها حجارة كأنها من سجيل جهنم كناية عن حرارتها واشتعالها، ومنضود أي أنها متتالية متراصة ليس بين نزولها فترات.

ولا ينطبق هذا الوصف في معرفتنا الحياتية والعلمية إلا على النيازك التي إن دخلت الغلاف الجوي فإنها تشتعل لتصل سطح الأرض ملتهبة، ويتسبب ارتطامها بالأرض إما بدمار كبير كما يعتقد أنه حدث قبل قرابة 65 مليون سنة حين اصطدم نيزك أو مذنب بالأرض فدمر الحياة عليها وأفنى الديناصورات و 750 ألف نوع كائن حي آخر معه، أو أن يسبب حفرة نيزكية في مكان ناء في البر أو أن يسقط في البحر، أو أن يسقط أمام الناس أو في مناطق سكناهم وهي حالات نادرة جداً.

وحيث إن سقوط النيازك لعذاب قوم سيدنا لوط كان في وقت الصبح كما أخبر القرآن على لسان الملائكة في حوارهم مع سيدنا لوط، فإن ذلك يعد معجزة ذكر دلائلها القرآن قبل اكتشاف حقيقتها بعد أكثر من 1300 عام إذ إن فكرة رصد زخات الشهب قد بدأت قبل حوالي 100 عام من الآن.