الطاقة في القرآن الكريم..مفاهيم وحقائق وتطبيقات
Energy in the Holy Quran: Concepts, Facts & Applications
د.عبدالله علي الشرمان
قسم الهندسة الميكانيكية – جامعة البلقاء التطبيقية
[email protected] [email protected]
ملخص
خلق الله تبارك وتعالى الكون وسخره جميعاً لخدمة الإنسان في طريق عبادته لخالقه، وتيسيراً للتكليف الإلهي المبين في عمارة الأرض، والقيام بأمر الله تعالى كما أراد جل شأنه. والكون بآفاقه الواسعة مشحون بقوى وطاقات وقدرات ومتاحات كونية وبشرية تسير وفق سنن وقوانين ربانية دقيقة وصارمة، منها ما هو ظاهر ومنها خفي يعرف من آثاره وتأثيراته في الكون والإنسان. وبالقدر الذي نستطيع استكشاف هذه القوى والطاقات والقوانين، ونفهمها في أبعادها الفيزيائية والرياضية والهندسية والتطبيقية، فإننا نتمكن من التعامل الإيجابي معها وتوظيفها بالطريقة والأسلوب الصحيح المؤدي إلى راحة الإنسان وإسعاده، وتمكينه من التناسق المثمر مع الحياة وتحيق معنى الوجود والحياة الراضية المنتجة في ظلال كتاب الله تعالى وهديه القويم.
حيث يقول الله تعالى في كتابه العزيز: ( وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (189) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) آل عمران
ويقول أيضاً: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (فصلت: 53) ، وقوله تعالى: ( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) (الذاريات:49)، وقوله تعالى: (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20) فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ (21) لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ (22)) الغاشية
ويأتي هذا البحث لدراسة موضوع الطاقة في القرآن الكريم من حيث المفاهيم والمعاني والحقائق والتطبيقات الحياتية لبيان جوانب وآفاق عظمة الله تعالى وبديع خلقه وتدبيره الأسمى في الكون والخلق والحياة، وتبيان عظيم نعمه وفضله على خلقه، وإيضاح بعض المجالات العلمية والإعجازية في كتاب الله تعالى، وكذلك للتوضيح والتسهيل والاستنباط المؤدي إلى فهم مجالات الطاقة وآفاقها واستعمالاتها الحاضرة والمستقبلية، وبيان السبل المثلى لفهم المتاحات والمقدرات الكونية وحسن استثمارها وتوظيفها لتحقيق عمارة صحيحة مثمرة في الدنيا والآخرة على طريق العلم والإيمان.
وبعد البحث والتقصي العلمي الدقيق في آيات كتاب الله تعالى ودراستها وفهمها وفق قواعد تفسير القرآن الكريم (3،2،1) ، و وفق القواعد والأسس العلمية المعتمدة والدقيقة فقد تم التوصل إلى أن الطاقة ومتعلقاتها ومعانيها وأنواعها واستعمالاتها وتطبيقاتها المباشرة وغير المباشرة قد تم ذكرها وتوضيحها في كتاب الله تعالى بصور وصيغ وإشارات عديدة ومتنوعة، وذلك وفق المنهج القرآني المبارك في الهداية والبيان والإرشاد المؤدي إلى بيان جوانب العظمة الإلهية في الخلق والتدبير والعظمة والقدرة، الدالة كذلك على معالم الهدى والرشاد وتحصيل عناصر ومكونات الحياة الراضية الراشدة ومقتضياتها كافة للبشرية جمعاء وفق هدي الله تعالى وصراطه المستقيم. وقد ذكرت في نصوص الآيات القرآنية الشريفة أنواع الطاقة الكامنة والمتحركة، ومعانيها وعناصرها الظاهرة والخفية ومنها ما هو معلوم وملموس ومؤطر، مثل الطاقة الحركية والشمسية وطاقة الرياح وطاقة الماء والموائع، والطاقة الحرارية، ومنها غير معلوم بشرياً بشكل واضح ولكن تمت الإشارة القرآنية المباشرة إليه مثل رفع السماء يغير عمد مرئية، والطاقة المستخدمة في نقل عرش بلقيس من سبأ في اليمن إلى مكان إقامة سيدنا سليمان آنذاك، ومثل طاقة تسجير البحار، وطاقة نسف الجبال حتى تصبح كالهباء المبثوث المتطاير.
وتشكل خلاصات هذه الدراسة مرتكزاً أساسياً في إيضاح معاني ودلالات الآيات القرآنية الشريفة في معاني ومفاهيم الطاقة وأنواعها وتطبيقاتها، بالإضافة إلى نجلية جوانب وآفاق إعجاز القرآن الكريم الدالة على عظمة الخالق جل جلاله، وعظمة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة. وتفتح كذلك آفاقاً علمية عديدة للبحث والدراسات العلمية والهندسية المتنوعة تساهم في نفع الناس وتقدم الحياة، ورفعة شأن الإسلام والمسلمين، وإعلاء راية الحق ونشر المعروف على طريق العلم والإيمان.
كلمات مفتاحية: الطاقة والمادة، الإعجاز العلمي، الطاقة المحسوسة، الطاقة الكامنة، سنن الآفاق والأنفس
ز