إن تعقيد دماغ الإنسان الذي يحوي أكثر من مئة تريليون خلية عصبية ويبلغ وزنه حوالي 1500 غرام، لا يوجد ولن يوجد في أعقد الأجهزة الإلكترونية التي اخترعها الإنسان بل لو أننا جمعنا جميع الحواسيب في العالم وتم ضغطها لتكون بحجم دماغه فلن يصل تعقيد مكوناتها تعقيد الدماغ. فالتعقيد الموجود في دوائره العصبية لا يضاهيه التعقيد الموجود في دوائر أضخم الحواسيب الجبارة، والتعقيد في أليافه العصبية لا يضاهيه التعقيد الموجود في أسلاك أضخم الشبكات الهاتفية.
أما وظائفه فإن البشر لا زالوا يقفون عاجزين عن اختراع أجهزة تقوم بمثل هذه الوظائف: من قدرته على التعرف على ملايين الأشياء التي شاهدها لمرة واحدة وعلى تمكين الإنسان من الإحساس بوجوده وبمشاعره وعواطفه، ومن قدرته على الكلام والقراءة والكتابة والتذكر والتفكير والوعي والإحساس بالعواطف والمشاعر وغيرها. قال تعالى: " هَٰذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ ۚ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ " [لقمان: 11].
ويتكون الجهاز العصبي من جزأين رئيسين: أولهما الجهاز العصبي المركزي والذي يتكون من الدماغ الموجود في الجمجمة والحبل الشوكي الموجود في العامود الفقري،
أما ثانيهما فهو الجهاز العصبي المحيطي وهو كل ما يقع خارج الجمجمة والحبل الشوكي من مكونات عصبية وهي الألياف والعقد العصبية والمستقبلات الحسية ويعتمد تعقيد الدماغ على عدد وحجم الوظائف التي يقوم بها لخدمة الجسم.
ما علاقة التفكير بالدماغ:
التفكير هو عملية الاتصال التي تقوم بها الخلايا العصبية في مناطق الدماغ المختلفة بقصد تبادل المعلومات حول موضوع ما، فيقوم الدماغ عن طريق المناطق المتخصصة في الفصين الأيمن والأيسر بالسيطرة على مراكز متفرقة للأحاسيس المختلفة (السمع، البصر، الشم، الألم، التذوق). ومراكز أخرى تسيطر على (الحركة، الفكر، الذاكرة، النطق).
وعند حدوث حالة التفكير يحدث تبادل المعلومات بين العصبونات حيث تنتقل الرسائل بين العصبونات. ويستقبل العصبون الواحد إشارات من 100 ألف عصبون آخر. وكل عصبون يطلق آلاف الرسائل في الثانية الواحدة من العصبونات المجاورة. ويختلف الأفراد في أنماط تفكيرهم عندما يتعاملون مع موقف يتطلب التفكير.
وأما إبداع الخالق عز وجل في خلق هذا الدماغ فيمكن مشاهدته عند مقارنة الاختلافات بين دماغ الرجل والمرأة حيث بينت الدراسات أن حجم دماغ الرجل أكبر من حجم دماغ المرأة عند نفس العمر، بنسبة 10 % إلى 20 %، وذلك مما يجعل الرجل مختلفاً عن المرأة في الكثير من العمليات الدماغية، قال تعالى: " وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ " [آل عمران: 36]. إذ تظهر الأبحاث العلمية هذا الاختلاف بين الجنسين، فيقول العلماء إن دماغ الذكر منذ بداية خلقه (في الجنين) يختلف عن دماغ الأنثى.
كما تظهر الصور الناتجة عن جهاز المسح بالرنين المغناطيسي الوظيفي FMRI أن الرجل والمرأة عندما يقومان بنفس العمل فإن طريقة عمل الدماغ لدى الرجل تختلف عن طريقة عمل الدماغ لدى المرأة. وأن الدماغ يتغير وزنه مع تقدم العمر، وأن المناطق التي تنشط في دماغ المرأة تختلف عن المناطق التي تنشط في دماغ الرجل! وإن تصميم دماغ المرأة جاء مناسباً لتحمل الألم والإجهادات (مثل آلام الولادة) أكثر من الرجل حيث إن دماغ الرجل لا يوجد فيه مثل هذه الميزة!!