الصورة
الإعجاز في جلد الإنسان

يعتبر الجلد أكبر جهاز في جسم الإنسان حيث يبلغ وزنه ما بين 5 - 10 كيلوغرامات، ومساحته ما بين 1.5 - 2 متر مربع.

والجلد يقوم بوظائف عديدة؛ تغطية أعضاء الجسم وإضفاء الجمال عليه، والحفاظ على حرارته ورطوبته وحمايته من تقلبات الطقس، واكتساب فيتامين - دال الضروري لنمو العظام، بالإضافة إلى ما يعطيه من صور عن نفسية الإنسان وعواطفه ومشاعره وصحته ومرضه.

ويتكون الجلد من ثلاث طبقات؛ الطبقة الخارجية وتسمى البشرة، ويبلغ متوسط سمكها 0.2 ملم، والطبقة الوسطى وتسمى الأدمة ويبلغ متوسط سمكها 2 ملم، والطبقة الداخلية وتسمى ما تحت الأدمة، ولكل طبقة وظيفة، كما يحتوي الجلد على ملحقات كثيرة تدعم قيامه بوظائفه العديدة مثل الشعر والغدد الدهنية والأعصاب الحسية المختلفة.

وسوف يؤدي أي خلل في تركيب الجلد أو في عنصر من عناصره ووظائفه إلى اضطراب شديد في حياة الإنسان، ونجد ذلك واضحاً في الأمراض الوراثية أو المكتسبة التي قد تلم بالإنسان فتولد معه، أو تتولد نتيجة لسوء التغذية أو استعمال أدوية أو غيرها. فسماكة الجلد حول العين لا تزيد عن 0.05 من الملمتر بحيث توفر سهولة وليونة رائعة في حركة الجفون وفتحة العين، بينما تصل سماكة الجلد في باطن اليد أو الرجل الى نحو 3 ملم، و5 ملم لجلد أخمص القدم، والسبب واضح وهو أن الخالق العظيم صمم باطن اليد للعمل وتحمل الأعباء والاحتكاك والضغط والشدّ وغيرها من الأعمال التي تتطلب جلداً قوياً.

ويحتوي الجلد كذلك على الغدد العرقية التي تميز رائحة الإنسان عن غيره، وهذه الغدد نوعان: الغدد العرقية المفرزة وتقع تحت الإبط وفي المنطقة التناسلية، وفي حلمات الثدي، وتفرز هذه الغدد محتوياتها عبر قناة الشعر، كما أن هذه الغدد تفرز مادة الفيرمون والتي لها رائحة مميزة تجذب الجنس الآخر لدى الإنسان وفي مملكة الحيوان. أما النوع الثاني فيسمى الغدد العرقية الفارزة وهي التي تشكل معظم الغدد العرقية في الجسم وتكثر في راحة اليد والرجل والرأس وهي المسؤولة عن تبريد الجسم.

لقد أشار القرآن الكريم إلى نعمه تعالى في خلق الإنسان ولا سيما هذا الجلد وأنه الشاهد على الإنسان في الدنيا والآخرة في 9 آيات كريمات، ومنها قوله تعالى: " اللَّهُ نَزَّلَ أحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَّبهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلىٰ ذِكْرِ اللَّهِ " [الزمر: 23].

فما هي دلالة قشعريرة الجلد حينما نستمع للقرآن؟ وماذا تعكس القشعريرة من مشاعر وأحاسيس لها علاقة بالتفاعل مع الآيات؟ فتشير الأبحاث الطبية أن الإنسان حينما يتفاعل مع أحداث تثير فيه مشاعر السعادة الكبيرة أو الخوف الشديد أو مشاعر مختلطة تؤثر على نفسيته بشكل واضح فإن هرمونات الجسم تتفاعل بما يناسب ذلك الحدث مما يجعل العضلات الدقيقة المسؤولة عن الشعر تنقبض فتشد الشعرة لتجعلها "تقف" مع ظهور نتوءات صغيرة عند البصيلات.

ومن أهم هذه الهرمونات هو هرمون الدوبامين ويسمى هرمون السعادة. والأثر الإيحائي للقرآن أجلّ وأعظم، حيث تجتمع في الإنسان مشاعر التعظيم لله سبحانه وتعالى، بالإضافة إلى مشاعر الخوف من العذاب، والرجاء في المغفرة، والطمع في الجنة، وحصول المعرفة، والفتوحات الربّانية، وتلقي أنوار الإيمان، وغيرها من المشاعر التي تنطلق من أعماق النفس، فتنعكس على الجلد بالقشعريرة، والقلب بالخشوع وزيادة اليقين.

ويتجلى الإعجاز القرآني في الإشارة إلى أهمية الجلود في حياة الإنسان، وفي التركيز عليها والعمل على دراسة أسرارها، وأنها تحتفظ بذاكرة ضخمة تشهد على العباد يوم القيامة مع بقية الجوارح بما أحسنوا في دنياهم وبما استعدوا من أعمال لعرضها على الله يوم لقائه، وأن هذا الجلد لا يمكن أن يصمم إلا من خلال صانع لا حد لعلمه ولا لقدرته. قال تعالى: " وَفِي أَنْفُسِكُمْ أًفَلا تُبْصِرُونَ " [الذاريات: 21].