الصورة
ألم نجعل له عينين

العين هي الشفافة اللامعة الأنيقة، التي تتصدر الوجه لتكون أجمل الأعضاء، وأكثرها تألقاً، وأعظمها حساً وأوسعها حركة، وأكثرها حساسية ورقة، وأشرفها تأملاً، وأصدقها شهادة. إنها الشاهد الأول والأخير في حياة الإنسان، وهي العضو الوحيد الذي نستطيع من خلاله أن نستكشف حال العروق الدموية عند تنظير الشبكية فنشخص الكثير من الأمراض كالسكري، وارتفاع الضغط، وأمراض الدم، وأمراض الكلية، والكثير من الأورام السليمة والخبيثة والأمراض الوراثية.

وقد ذكرت العين الرائية المبصرة مفردة في القرآن الكريم 8 مرات، وبصيغة المثنى 5 مرات، وبصيغة الجمع 22 مرة. وجمعها كلمة أعين.

وتشير الآية الكريمة إشارة علمية بصرية دقيقة وما أعظم وأصدق وأدق ما جاء به القرآن الكريم. فالعين تسكن الوقب أو الحجاج وهي محاطة بالعضلات والعروق الدموية والأعصاب. وترتكز عليها 6 عضلات تؤمن لها الحركة الواسعة باتجاه أفقي يميناً ويسارًا، وللأعلى والأسفل، ولليمين واليسار، وإن عمل العينين معاً يعطي ساحة بصرية واسعة في جميع الاتجاهات ويمكن الإنسان من الرؤية المجسمة العميقة بالأبعاد الثلاثة.

والعين عضو حاسة البصر وسبيل الضياء إلى الجهاز البصري ومركز الرؤية. وفي العين عدستان كاسرتان للضوء: القرنية والعدسة البلورية.

والقرنية هي الجزء الشفاف في مقدمة العين ويقع وراءها القزحية التي تعطي لون العين التي يتوسطها بؤبؤ العين الأسود أو الحدقة التي تضيق في الضوء وتتسع في العتمة.

العدسة البلورية: كرة كُولاجينية صافية مضغوطة تُشبه حبة العدس وهي كاسرة للضياء وتُغيّر من تكوّرها حسب بُعد الشيء المرئي أو قُربه من العين فتقوم بعمل المطابقة.

الشبكية: هي الطبقة الداخلية في العين وفيها الخلايا البصرية النبيلة. وتحوي الخلايا البصرية (المخاريط) وهي المسؤولة عن الرؤية التفصيلية الدقيقة في الضوء الساطع وفي النهار، وكذلك رؤية شتى الألوان في الطيف الضوئي. أما العصيَّات فهي الخلايا البصرية المختصَّة بالرؤية الليلية وفي الضوء الخافت وتنتشر على سطح الشبكية وفي محيطها.

إن الرؤية والإبصار يتم من خلال عملية كيميائية ضوئية عصبية معقدة لم يستطع العلم تفسيرها بدقة حتى الآن، وصدق الله العظيم إذ قال: " أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ " ؟!

والله جعل العيون مرآة النفس، ينعكس عليها كل ما يشعر به الإنسان من خوف وجزع، وحزن وفرح، وحب وبغض، وغضب ورضى، وإن كل ما يثير القلب ينعكس في العينين، فإن لهما تعبيراً أقوى من اللسان والبيان، فالعيون هي النوافذ على الروح، وهي التي تفضح أسرار الفكر  والأحاسيس العاطفية.

وبالعيون يتأمل الإنسان آيات الله في الأنفس والآفاق، ويدرك دلالتها على وحدانية الخالق. وفي العالم اليوم ألوف المؤسسات البحثية والعلمية والطبية تدرس العين وتركيبها وأسرارها وارتباطها مع بقية أجهزة الإنسان التي خلقها بيديه، ولَما تنتهِ من دراستها.

ويتجلى الإعجاز القرآني في الآية الكريمة فيما خص به هذا الإنسان من نعمة الإبصار، وهي نعمة إلهية كبرى ليبصر بها المرئيات، ويتعرف بها على الكائنات، وجعل العينين في أعلى مكان في الوجه، والعينان هما محل الملاحة والزينة في الوجه، وهما بمنزلة النور الذي يمشي بين يدي صاحبه. فهما المصباحان المركبان في أشرف عضو من أعضاء الإنسان.

وركب الله هذا النور في جزء صغير يبصر به السماء والأرض وما بينهما. وأودع فينا بصمات العيون فلا تتشابه بصمات عينين في الأرض مع بصمات الآخرين، وجعل هذه البصمات مفتاحاً خاصاً لأشخاصنا. وبعيوننا نستطيع التمييز بين حوالي 800.000 درجة من درجات اللون الأخضر، وأن نميز أيضاً ما بين 5 – 7 مليون لون مختلف، كما تستطيع عيوننا أن ترى في نور القمر الباهت ونور الشمس الساطع.

وتشكل عيوننا 70 % من مدخلات العلم والمعرفة إلى وعي الإنسان وعقله وقلبه. فأي إعجاز إلهي في الخلق والتقدير وهو ما يتجلى في قوله تعالى: " أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ "؟!