يدعي علماء نظريات التطور والنشوء والارتقاء التلقائي والمادي العشوائي أن الأنطمة الحيوية في الكائنات الحية تطورت عبر ملايين السنين لتستقر على ما هي عليه الآن وأن عملية الانتقاء الطبيعي اللامدرك استمرت عبر حقب وعصور وقرون طويلة وأبقت الأصلح في الوجود.
وقد ظهرت مدرسة علمية اخرى رفضت هذا النوع من الخلق العشوائي او اللا واعي، وحجة هذه المدرسة أن الانظمة الحيوية الموجودة داخل الكائنات الحية ،هي أنظمة معقدة ودقيقة ولا يمكن اختزال اي جزء منها، وأن هذه الاجزاء وجدت في مكانها الصحيح والدقيق ابتداء من التكوين الكيميائي الصغير الى التكوينات الكبيرة المرئية .
ومن الانظمة الدالة على هذا التعقيد المركب غير القابل للنقص والاختزال :الجهاز التنفسي للانسان. ففي كل جزء وتركيب منه دلالة على وجود هندسة أو تصميم متعمد من قبل قوة ذكية تعمدت كل قدر صغيروكبير في هذا الجهاز ، لقوله تعالى :( إنا كل شيء خلقناه بقدر ).
ففي جسم الانسان ما يقرب من 1.000 تريليون من الخلايا الحية التي تستهلك الأكسجين وتنتج غاز ثاني أكسيد الكربون السام فلتزويد هذه الكتلة الحية من الخلايا بأكسجينها وتخليصها من نفاياتها ،لا بد من وجود جهاز متخصص لجلب الأكسجين ولسحب ثاني أكسيد الكربون من بين هذه الاحياء والدهاليز المجهرية الحجم بسرعة وكفاءة.
تبدأ معجزة الجهاز التنفسي من تلك الفتحات الصغيرة والمحكمة التي ستستقبل الهواء الجديد وتطرد في عملية تناوب بين الزفير والشهيق الهواء المستهلك ويجتمع مع هذه العملية عمليات اخرى من قبيل تصفية الهواء الجديد وتنظيفه مما يعلق به من جراثيم وعوالق تلويثية اخرى والتخلص منها وقتلها أحيانا بينما يقوم جهاز اخر بتكييف حرارة الهواء الداخلة والتفتيش الكيميائي عليه بواسطة ما يقرب من 6 ملايين من خلايا مركز الشم.
وبينما ينقل الهواء إلى الرئتين تحدث عمليات تنظيف وتوزيع للهواء إلى أن يصل مراكز توزيع الهواء الاخيرة(الأسناخ الرئؤي).
وسنتحدث عن كثير من هذه التفاصيل في هذه المحاضرة بالإضافة إلى بعض الأضرار الناتجة عن عادة التدخين ودخول القطران إلى هذا الجهاز الهام والدقيق في جسم الانسان.
ويسرني أن أقدم لكم في هذه المحاضرة الى جانب عشرات الصور واللقطات التوضيحية ،تجربة استخراج القطران من سيجارة واحدة لتتخيلوا مدى حجم الضرر الذي سيلحق بالمدخنين.