الصورة
دور الرقابة الشرعية لأعمال المصارف الإسلامية

أولاً: التدقيق الشرعي الداخلي والرقابة الشرعية:

أ. التدقيق الشرعي

    التدقيق الشرعي الداخلي يساهم في تحقيق أهداف البنك و أهداف هيئة الرقابة الشرعية عن طريق الالتزام بتطبيق منهج منضبط لضمان سلامة التطبيق للضوابط الشرعية، من خلال متابعة و تقويم و تحسين فعالية إدارة المخاطر و عمليات الحاكمية المؤسسية، ووفق قرارات وفتاوى هيئة الرقابة الشرعية، وذلك من خلال متابعة تطبيق القرارات والفتاوى الصادرة عن هيئة الرقابة الشرعية، و فحص العمليات التي يقوم بها البنك وتقويم مدى التزام البنك بفتاوى وقرارات هيئة الفتوى والرقابة الشرعية وتقيده بأحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها، و مناقشة الملاحظات والنتائج الأولية مع الأطراف الإدارية المعنية قبل إصدار التقارير النهائية الخاصة، ثم تقديم تقارير التدقيق الشرعي إلى هيئة الرقابة الشرعية، والتي تتضمن نتيجة ما تم من فحص لعمليات البنك وتعليماته بشأن ما يجب اتخاذه من إجراءات تصحيحية وتحسينات لازمة.

    يتحقق التدقيق الشرعي بوجود عاملين أكفاء مالياً و شرعياً، و بوجود مرجعية تتمتع بالكفاية و الكفاءة، و مع ضرورة الفصل بين الوظائف المتعارضة، وأن يكون فريق التدقيق الشرعي الداخلي مستقل إدارياً ، و تعد متابعة تنفيذ الإدارات والأقسام المعنية للتعليمات، وأية قرارات أو توصيات أخرى تتعلق بالأمور الشرعية الصادرة عن هيئة الرقابة الشرعية، والالتزام بميثاق أخلاقيات المحاسب والمُراجع الخارجي للمؤسسات المالية الإسلامية الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية من أهم مهام التدقيق الشرعي الداخلي، ومن مهامهم أيضاً التحقق من تقيد الإدارة التنفيذية بالسياسة التي تنظم العلاقة بين المساهمين وأصحاب حسابات الاستثمار، و على وجه الخصوص أسس توزيع الأرباح.

     هناك توصيات وممارسات مطلوبة في كل من التدقيق الشرعي الداخلي والخارجي عند التعامل مع الإدارات الخاضعة للتدقيق بحيث لا يكون المدقق متصيداً للأخطاء، مع ضرورة مواكبة الخطط والأهداف الاستراتيجية التي تضعها الإدارة العليا عند تطبيق منهجية التخطيط بناءً على المخاطر، أما التدقيق من تنفيذ التوصيات والمقترحات الصادرة بالتقارير السابقة فتعتبر ضرورة للتحقق من مدى انضباط والتزام الإدارة محل التدقيق بالحفاظ على سرعة تصحيح وتطبيق الإجراءات التصحيحية.

     ممارسة الشك المهني بحرص ووضع احتمالات مختلفة للمخاطر أو الأخطاء التي من الممكن حدوثها بأحد الإجراءات المتبعة لتقييم مدة قدرة النظم الرقابية القائمة في إدارة المخاطر المحتملة من التوصيات المهمة للمدقق الشرعي، وإن لتنمية المهارات الثقافية والفكرية دور مهم في تدعيم قدرات المدقق الشرعي للنظر بشمولية على كافة أنشطة المؤسسة ما يمكنه من تقديم المقترحات والتحسينات التي تساعد بتقديمه لقيمة مضافة لمهام ونظم عمل المؤسسة المالية.

ب. الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية

    يُعنى بالرقابة الشرعية التأكد من مدى مطابقة أعمال المؤسسة المالية الإسلامية لأحكام الشريعة الإسلامية حسب الفتاوى الصادرة و القرارات المعتمدة من جهة الفتوى، و أن لها سِمات تتمثل بالشفافية و المسؤولية و العدالة و النزاهة و الاستقلالية، تتكون الرقابة الشرعية من مكونين رئيسيين: هيئة الرقابة الشرعية و التي تُعنى أساساً بإصدار الفتوى والمسائل النظرية، ودائرة الرقابة الشرعية المعنية بالناحية العملية من خلال متابعة تنفيذ فتاوى هيئة الرقابة الشرعية، و للرقابة الشرعية ثلاثة أنواع: الرقابة السابقة على التنفيذ، والمصاحبة و اللاحقة.

    تتمثل أهمية الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية بإعطاء الصبغة الشرعية من خلال إيجاد الأحكام الشرعية لمستجدات المعاملات التجارية والعمليات المالية، أما مجالات الرقابة الشرعية فهي متشعبة، تبدأ من إبداء الرأي في الأنشطة الاستثمارية، وتأصيل الفقه الإسلامي في ميدان المعاملات المالية المصرفية، وتطبيق القواعد الشرعية على أنشطة المصرف، والتوعية والتثقيف للعاملين في مجال العمل المصرفي من خلال إقامة الندوات والمؤتمرات وحلقات البحث العلمي ونشر أعمال الرقابة الشرعية.

     هناك مجموعة من التحديات تتعرض لها هيئة الرقابة الشرعية، أهمها التطور السريع والكبير في مجال المعاملات الاقتصادية وصعوبة متابعتها بالفتوى وبيان الحكم الشرعي، عدا عن الضغوط التي قد تمارسها إدارة المصارف الإسلامية على الهيئة لإباحة بعض التصرفات.

   تقدم هيئة الرقابة الشرعية دورياً وكلما اقتضى الأمر تقاريرها وملاحظاتها إلى كل من المدير العام ومجلس الإدارة، وترفع هيئة الرقابة الشرعية تقريراً سنوياً إلى الجمعية العمومية، مشتملاً على رأيها بتطبيق المؤسسة المصرفية الإسلامية لأحكامها وفتواها الصادرة عنها ومدى التزامه بها.

 

ثانياً: التدقيق الخارجي:

    للتدقيق الخارجي صِبغتين، مالية وشرعية، تُعنى المالية بالتدقيق على البيانات المالية للمؤسسة المصرفية و إعطاء تأكيد معقول بعدالة البيانات المالية المقدمة و المعلنة من المؤسسة المالية المصرفية، و حفظ حقوق المساهمين و حفظ أموالهم و ضمان استمرارية أعمال المؤسسة المالية، وحماية الأصول و كشف التلاعب و الاختلاسات – ما أمكن، بينما يتعلق الجانب الشرعي في التدقيق الخارجي بتكوين رأي معقولٍ بشأن التزام المؤسسة بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، والأصل أن يتم ذلك من خلال مراجعين خارجيين لا يتبعون لإدارة المؤسسة و إنما للجمعية العمومية أو من خلال مكتب خارجي متخصص.

 

ثالثاً: رقابة البنك المركزي على المصارف الإسلامية:

    التأكد من سلامة المركز المالي للمصارف الإسلامية، ومراقبة وتوجيه الائتمان المصرفي كماً ونوعاً والتصريح عن الأخطار المصرفية، والعمل على حماية حقوق المساهمين من خلال التوصل إلى النسب والمؤشرات الهامة في النظام المصرفي كالسيولة والاحتياطي النقدي وملاءة رأس المال، هي من أهم أهداف رقابة البنك المركزي.

   والآلية التي يعتمدها البنك المركزي لتحقيق ذلك تعتمد على الرقابة الميدانية المتمثلة بإجراء زيارات ميدانية للتفتيش على المؤسسات المصرفية، من خلال الوقوف على صحة أعمال وأداء وسلامة مراكزها المالية في حدود القوانين والأنظمة والتعليمات والأعراف المصرفية وصولاً لمتطلبات الأمان المصرفي والاستقرار النقدي مما يعزز الثقة بالجهاز المصرفي.

يتم تحقيق الغايات أعلاه بإعداد واعتماد خطة سنوية للتفتيش الميداني وفقاً لبرنامج زمني مدروس ومناسب لتنفيذها، حيث يتم خلال عمليات التفتيش تقييم مستوى الحاكمية المؤسسية وتحديد مدى كفاية أنظمة الضبط والرقابة الداخلية لديها، والوقوف على المخاطر التي تواجهها ومستويات إدارتها ووضع الإجراءات التصويبية اللازمة للتخفيف والتحوط لتلك المخاطر. والوسيلة الثانية هي الرقابة المكتبية من خلال متابعة تنفيذ أعمال الرقابة المكتبية على أنشطة المؤسسات المصرفية، بهدف التحقق من سلامة واستقرار أوضاع القطاع المصرفي، ودراسة طلبات الترخيص للمؤسسات المصرفية الجديدة وطلبات التفرع للقائمة منها، ودراسة البيانات والإحصائيات الدورية للقطاع بما فيها الكشوفات الشهرية والفصلية، ومتابعة تنفيذ الأعمال اللازمة لإصدار الأنظمة والتعليمات والضوابط الرقابية للمؤسسات المصرفية والتعاميم الناظمة للعمل المصرفي لمواكبة التطورات.