الوقف في الأردن الواقع والطموح 

إعداد : الدكتور علي حسين إبراهيم الحساسنة 

دكتوراة الفقه وأصوله

/6/2021

ورقة بحثية مقدمة للجمعية الأردنية 

لإعجاز القرآن والسنة 

اليوم العلمي الواحد والعشرين 

بعنوان الوقف والتنمية المستدامة

الأردن أنموذجا

   تعد وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في الأردن هي الجهة المسؤولة بالدرجة الأولى عن كل أشكال الوقف وبرامجه.

   وتعتبر المساجد في الأردن هي الصورة الغالبة على الوقف لاعتبارات عديدة راجعة في الغالب إلى الثقافة السائدة عند عامة الناس لمفهوم الوقف.

    ولبيان واقع الوقف في الأردن لا بد من الوقوف على أهم المعلومات والإحصاءات الصادرة عن وزارة الأوقاف بشأن عدد الوقفيات في الأردن وأشكالها والمشاريع المخصصة لتنمية الوقف وغير ذلك؛ حتى يتسنى للباحث أن يطرح حلولا وتوصيات نتجاوز فيها أهم المعوقات التي تؤثر في عملية الوقف.

    وقد قام الباحث بترتيب هذه المعلومات الصادرة عن المديريات التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية – مع صعوبة الحصول على المعلومات الذي استمر جمعها ما يزيد عن خمسين يوما – بناء على الكتاب الموجه إلى الجمعية الأردنية لإعجاز القرآن والسنة النبوية رقم 2/4/2/4264 تاريخ 18/4/2021 ردا على الطلب الموجه للوزارة لتسهيل مهمة الباحث، وقد كانت البيانات التي تمثل واقع الوقف في الأردن كالآتي:

أولًا: مديرية تنمية أموال الأوقاف : حيث تم تزويد الباحث بإحصائية غير مفصلة صادرة بتاريخ 27/5/2021 عن مديرية تنمية أموال الأوقاف التابعة لوزارة الأوقاف والتي تبين ما هو معد من أموال الوقف للتنمية للعام 2021م:

الجدول رقم (1)

   إحصائية نسب الأموال المستحقة ونسب التحصيل من الأعوام 2011 إلى 2020 صادرة عن مديرية تنمية أموال الوقف بتاريخ 2/6/2021 

الجدول رقم (2)

ملاحظات حول بينات الجدولين(1) و(2) السابقين:

1. نسبة قطع الأراضي المستثمرة فعليا مقارنة بالعدد الإجمالي المعد لنفس الغاية ضعيفة لا تتجاوز 23 %.

2. شهدت الأعوام الخمسة الأخيرة ارتفاعا طبيعيا تدريجيا في نسب الاستثمار وذلك تبعا لغلاء الأسعار ومعدلات النمو الاقتصادي.

3. شهد العام 2017 أعلى نسبة تحصيل من مستحقات مديرية تنمية أموال الوقف.

4. شهد العام الأخير 2020 انخفاضا واضحا في نسب تحصيل المستحقات المالية؛ وذلك بسبب جائحة كورونا التي أثرت على اقتصاديات المملكة بشكل عام. 

5. يبين الجدول رقم (2) نسبة الفرق الكبير بين المستحق والذي يتم تحصيله من المستحقات المالية للأموال المعدة للوقف الاستثماري، فعلى سبيل المثال الفرق بين المستحق المالي لعام 2020 وما تم تحصيله فعلا يساوي مليونا دينار وثمانمائة ألف تقريبا، وهو رقم كبير باعتبار النسبة المتبقية وهي (48 %).

ثانيا: مديرية الأملاك الوقفية

عدد قطع الأراضي الموقوفة في محافظات المملكة الأردنية الهاشمية هو (9985) قطعة موزعة كالآتي :

1. المعد منها للاستثمار 368 قطعة، والمعد منها للمقابر3687 مقبرة، أما النسبة الأكبر منها فهي للمساجد حيث بلغت 5930 قطعة موزعة إلى قسمين، قطع عليها مساجد قائمة، والآخر معد لإقامة المساجد ولم تبنَ بعدُ، وهي كالآتي:

الجدول رقم (3)

أما بالنسبة للتوزيع العام للقطع المعدة لإقامة المساجد وقطع المساجد القائمة في محافظات المملكة فهي كالآتي:

الجدول رقم (5)

ملاحظات حول الجداول ذات الأرقام (3، 4، 5):

1. من خلال مقارنة الجداول الثلاثة السابقة مع ما يصدر عن وزارة الأوقاف من إحصاءات في الصحف الرسمية يظهر لنا التباين بين النسبتين فعلى سبيل المثال ذكرت صحيفة الغد بتاريخ 8/3/2015 أن عدد المساجد في محافظة العاصمة عمان بلغ 1722 مسجدا، في حين يظهر الجدول رقم (4) أن عدد المساجد في المحاظة نفسها بلغ (1124) مسجدا، فضلا عن الزيادة المستمرة في عدد المساجد في الأعوام الخمسة الماضية.

2. تعد العاصمة عمان الأكثر اكتظاظا من حيث عدد المصلين في كل مسجد، حيث ذكرت الصحيفة نفسها أن ما نسبته (1346) مواطنا لكل مسجد في المملكة.

   على سبيل المثال (وَفق إحصائية السكان لعام 2015): مساحات المساجد في محافظة المفرق تعدل ثلثي مساحات مساجد العاصمة عمان في حين عدد سكان العاصمة 4 مليون تقريبا والمفرق نصف مليون تقريبا أي أن نصيب الفرد من مساحات المساجد في المفرق يعدل ثمانية أضعاف نصيب الفرد في عمان.

1.  ارتفاع نسبة الوقف للمساجد في المحافظات بالمقارنة مع نسبة السكان سوى العاصمة عمان ولعل ذلك عائد إلى ارتفاع أثمان الأراضي الوقفية في عمان مقارنة مع غيرها في المحافظات الأخرى. 

2. فصل وزارة الأوقاف لواء الكورة وكذلك الأغوار الشمالية إداريا عن سائر المحافظات وذلك بسبب كبر مساحة اللواءين المذكورَيْن.

3. قد يكون أحد أهم أسباب التباين في ضبط أعداد المساجد في المملكة راجع إلى الثقافة السائدة ين الناس – خاصة في المحافظات النائية – حيث يقوم كثير من الناس بإنشاء الوقف – مشكورا على نُبْل غايته – دون السير في الإجراءت الرسمية لتوثيق الوقف في حُجة وقف رسمية لدى دائرة قاضي القضاة، ووزارة الأوقاف.

ثالثًا: مديرية البرامج الوقفية

نقسمت وزارة الأوقاف البرامج الوقفية إلى خمسة أقسام كالآتي :

1. البرنامج العام، ويشمل:

2. مصروفات مقدرة لصيانة العقارات الوقفية.

3. مصروفات مقدرة لتطوير وتوثيق برمجيات العمل.

4. المخصصات الشهرية للواقفين.

5. إنفاق متفرق.

6. مشاريع استثمارية رقم (1) وادي السير.

7. طباعة المصحف الشريف.

8. حسب الوقف النقدي.

9. برنامج المساجد، ويشمل:

10. المساعدة في بناء المساجد وصيانتها

11. صيانة السكن الوظيفي للمؤذن والإمام

12. تمويل مشاريع الطاقة البديلة

13. إكراميات الخطابة والتدريس 

14. رواتب صندوق الدعوة

15. دورات معهد الملك عبد الله الثاني

16. ملتقيات الوعظ والإرشاد

17. الكهرباء

18. برنامج التعليم، ويشمل:

19. مساعدة طلبة العلم الفقراء في المدارس والجامعات.

20. دعم دور القرآن الكريم وإقامة مسابقات حفظ القرآن الكريم.

21. دعم دور القرآن الكريم وإقامة مسابقات حفظ القرآن الكريم في المسجد الأقصى.

22. المنح الدراسية لتأهيل الأئمة.

23. دعم المدارس الشرعية.

24. كفالة طلبة العلم الفقراء / صندوق الزكاة.

25. برنامج المحتاجين، ويشمل:

26. مساعدات نقدية للمحتاجين.

27. مساعدات نقدية وعينية / صندوق الزكاة.

28. كفالة أسر فقيرة / رواتب شهرية.

29. كفالة أيتام / صندوق الزكاة.

30. مشاريع تأهيلية للفقراء / صندوق الزكاة.

31. برنامج الصحة، ويشمل: 

32. تقديم مساعدات نقدية للمرضى المحتاجين.

33. تقديم مساعدات للمرضى الفقراء / صندوق الزكاة.

34. مساهمة في الأيام الطبية المجانية.

35. مستشفى المقاصد الخيري / علاج أسر فقيرة.

    حيث بيَّنت من خلال الجدول حجم الإنفاق على البرامج الوقفية الخمسة من خلال ريع الأوقاف نفسها للأعوام من 2017 إلى العام 2020 م، وهي كالآتي: 

الجدول رقم (6)

    ملاحظات حول الجدول رقم (6):

1. الارتفاع الواضح في الإنفاق على البرامج الوقفية خلال الأعوام الأربعة الأخيرة مقارنة مع سابقاتها، فعلى سبيل المثال بلغ معدل الإنفاق على البرنامج العام 600 ألف دينار تقريبا عام 2017، في حيث وصل إلى مليوني دينار وربع تقريبا عام 2020 على البرنامج نفسه. 

2. حجم الإنفاق على الوقف ضعيف – مع ما ذكرته من ارتفاع في الأعوام الأربعة الأخيرة – وذلك لضعف التحصيل أصلا من الوقفيات المخصصة للاستثمار كما هو موضح في الجدول رقم (2)، فضلا عن ضعف العائد الاستثماري أصلا مقارنة بقيمة الأصول الوقفية التي تتجاوز قيمتها المليار دينار من جهة، ومن جهة أخرى بالمقارنة مع النِّسب المحصلة والمستثمرة لمثل قيمة هذه الأصول الوقفية في عدة دول إسلامية أخرى مثل : تركيا وماليزيا وأدونيسيا وغيرها.

أهم المعوقات التي أضعفت الوقف في الأردن واستثماره وتنميته:

1. تنفيذ شرط الواقف

حيث يضع الواقف شرطا للوقف يمنع من خلاله استثمار عائده؛ كأن يشترط أن تكون لمسجد فقط ويتم تسطير حجة بذلك فلا يمكن الاستفادة منها في مشروع تنموي آخر.

1. كتمان الوقف

بأن لا يتم توثيق الوقف أو الوصية المشتملة على الوقف من قبل الواقف عند الجهات الرسمية أو كتمان الوقف حال الاطلاع عليه من قبل الورثة بعد وفاة المورث.

1. طبيعة الوقف

إذ تبين أن النسبة الأكبر من الأوقاف يصعب استثمارها أو طرحها للاستثمار كالأراضي النائية عن مراكز المدن والتي لم تصلها الخدمات.

1. الثقافة السائدة لمفهوم الوقف

حيث يتبادر إلى أذهان الكثير من الناس فكرة المسجد عند إطلاق لفظ الوقف، وأن الوقف مقتصر على بناء المساجد.

1. معوقات إدارية وقانونية وإجرائية، وهي كالآتي :

2. الإجراءات التي تحتاج إلى أمد وجهد كبيرين لإتمام عملية الوقف.

3.  اعتبار بعض المعلومات المتعلقة بتنمية الوقف معلومات سرية ولا يجوز الاطلاع عليها، وهذا يتنافي مع إمكانية حل المشكلة إذ يكمن في الاطلاع عليها بشكل كامل ومعرفة تفاصيل الوقف ومشكلاته التي لا بد أن يشترك الجميع في حلها.

4. عدم الربط الإلكتروني بين وزارة الأوقاف ودائرة الأراضي ودائرة قاضي القضاة؛ وذلك لتوثيق الوقف وعدم إمكانية التصرف فيه من قبل الورثة كما حصل في العديد من الحالات، مما يستدعي تدخل القضاء، وما يتبع ذلك من فوات الانتفاع بالوقف وريعه.

5. تفويت الانتفاع بالأراضي الموقوفة المشتركة بسبب الإجراءات القانونية التي تتشدد في فرز الأراضي، ولا تراعي مصلحة الوقف.

ثانيا : الطموح 

يتطلع الباحث – كما المهتمون بشأن الوقف في الأردن – لأن يصل إلى مرحلة تنتشر فيها ثقافة عامة لدى جميع أفراد المجتمع الأردني بأن الوقف سبيل عظيم لحل الكثير من المشكلات على رأسها المشكلات الاقتصادية ، وهذا الأمر يمكن تنفيذه من خلال:

1. التركيز على الأوقاف المنتجة كالأوقاف الزراعية التي يتم من خلالها تشغيل العاطلين عن العمل وتحقيق الاكتفاء الذاتي في كثير من السلع.

2. استحداث طرق وأشكال حديثة للوقف: 

3. على غرار الأوقاف المعاصرة كما في تركيا وغيرها ، فعلى سبيل المثال تم إنشاء بنك الوقف التشاركي في تركيا وتوجيه الأرباح من البنك الجديد إلى أنشطة الوقف ، وقد وصل حجم أصول (VakıfKatılım Bank)، فاكف كاتيليم 10.6% من إجمالي الأصول البنكية الإسلامية في تركيا وذلك بعد ثلاث سنوات فقط من العمل.

4.  الاستفادة من أشكال الوقف السابقة التي تخدم التكافل الاجتماعي كالوقف الخاص بالمسافرين والأوقاف المتخصصة في العلاج والتمريض، والأوقاف المخصصة للتعليم بخدمات متكاملة من الإطعام والكسوة والمبيت.

5. معالجة الأنظمة الخاصة بإجراءات الوقف وآليته، بحيث تصل خدمة الوقف إلى منزل الواقف إن تطلب الأمر وبمدة زمنية قياسية.

6.  العمل على تشجيع الاستثمار في الوقف من خلال تقديم إعفاءات ضريبية للواقف تصل إلى 100 %  على غرار صندوق الزكاة.

7. استحداث قسم خاص بتطوير العمل الوقفي ؛ من خلال :

8. تشريعات تدعم وتشجع الاستثمار في الوقف.

9.  استثمار وسائل الإعلام الرسمية وغيرها لتوجيه الثقافة العامة لدى أفراد المجتمع بأهمية الوقف واستثماره.

والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا

6/6/2021