الصورة
الشبهات المثارة حول العمل المصرفي الإسلامي والرد عليها

   ما زال البعض يثير بعض الشبهات حول أعمال المصارف الإسلامية، لذا نقول أن بعض عمليات المصارف الإسلامية ما زال فيها اختلافاً بين الفقهاء وهو أمر طبيعي في الفقه الإسلامي نتيجة للاختلاف في فهم وتفسير الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة حيث اختلف المسلمون في ذلك حتى في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم.

   في هذه الورقة سنعرض الشبهات التي تثار حول بيع المرابحة للآمر بالشراء وأساليب توزيع الأرباح في المصارف الاسلامية.

أولاً: الشبهات حول بيع المرابحة للآمر بالشراء:

الشبهة الأولى: العقد يتضمن بيع ما ليس عند البائع أو ما لا يملكه؛

 وذلك لأن الاتفاق بين البنك الإسلامي والآمر بالشراء هو عقد بيع حتى دون توقيع عقد بيع المرابحة، وإلزام الآمر بالشراء يحوِّل الوعد في الواقع إلى عقد. وبهذا فإن البنك يبيع ما لا يملك أو ما ليس عنده.

وقد رُدَّ على هذه الشبهة بما يلي:

إن البنوك الإسلامية لا تبيع أو توقع عقد البيع بالمرابحة مع الآمر بالشراء إلا بعد شرائها للبضاعة المطلوبة وتملّكها لها وتحملها مخاطرها. كما أن النهي عن بيع الإنسان ما ليس عنده  ليس محل إتفاق بين الفقهاء وفيه خلاف، وبعضهم قال في معنى بيع ما لا يملك: أي بيع ما ليس في ملك الإنسان وقدرته، وبعضهم قال إن هذا النهي للكراهة وليس للتحريم.

الشبهة الثانية: أن المرابحة للآمر بالشراء تتضمن بيعتين في بيعه:

وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: "من باع بيعتين في بيعه فله أوكسهما أو الربا"(1) .

وقد رُدَّ على هذه الشبهة بما يلي:

إن صح الحديث المذكور فمعناه أن يكون المقصود هو الحصول على نقد في صورة بيع كأن يقول أحد المتبايعين للآخر أبيعك هذه السلعة نقداً بكذا واشتريها منك لأجل بكذا(2).

وهذا واضح بأن المقصود به الإقراض بربا، وما هذه الطريقة إلا ضرباً من ضروب التحايل. وهذا في الحقيقة لا يحدث في بيع المرابحة للآمر بالشراء المستخدم في البنوك الإسلامية، حيث يقوم البنك الإسلامي بشراء سلعة حقيقية يتملكها ثم يبيعها للآمر بالشراء حسب الوعد الذي تم بين الطرفين.

الشبهة الثالثة: عدم صحة الإلزام بالوعد:

ذهب جمهور العلماء إلى عدم جواز إلزام أي طرف من الأطراف في هذا العقد، خاصة الإمام الشافعي الذي تم الاعتماد على رأيه في إجازة هذا البيع. ومع ذلك فقد تم إجازة هذا البيع مع الإلزام بالوعد على مبدأ التلفيق وتجزئة النصوص الفقهية.

ورُدَّ على هذه الشبهة بأن فكرة الإلزام قائمة على فضيلة الوفاء بالوعد، وإذا كان بعض الفقهاء يرون الإلزام بالوعد في التبرعات والإحسان. فمن باب أولى أن يكون هذا الإلزام في عقود المعاوضات. إذا اقتضت المصلحة ذلك. وهو الأحفظ لمصلحة المتعامل واستقرار المعاملات، وبالتالي مصلحة الاقتصاد بشكل عام. مما يجعل الأخذ بالإلزام بالوعد مقبول شرعاً. وكل بنك إسلامي مخير في الأخذ بما يراه في مسألة الإلزام حسب ما تراه هيئة الرقابة الشرعية في البنك (حسب مؤتمر المصارف الإسلامية المنعقد في دبي 1979م وفي الكويت 1983م).

 

ثانياً: شبهة قياس وتوزيع الربح في المصارف الإسلامية:

الشبهة الأولى: أرباح أصحاب حسابات الاستثمار قليلة.

الشبهة الثانية: هذه الأرباح قريبة من فوائد المودعين في البنوك التقليدية.

الشبهة الثالثة: البنك هو الذي قام بعملية الاحتساب والتوزيع.

أسباب الاختلاف بين المصارف الإسلامية في توزيع الأرباح(3) :

- اعتماد المصرف الإسلامي على أصل عملية المضاربة بعدم جواز خلط مال المضاربة مع غيرها من الأموال وبالتالي استثمار أموال المضاربة بشكل منفصل تماماً عن استثمار الأموال الأخرى المتاحة للاستثمار لديه تعتمد على هذا الأساس بأنها تفصل استثمارات واستخدامات أموال المضاربة مما يساعد في تحديد عوائد ومصروفات هذه الأموال بصورة مباشرة.

- اعتماد المصرف الإسلامي على الفتوى التي تجيز خلط مال المضاربة مع غيره من الأموال المتاحة للمصرف الإسلامي للاستثمار في حالة المضاربة المطلقة.

أسس توزيع الأرباح في المصارف الإسلامية

أهم ما جاء في معايير المحاسبة الصادرة عن الأيوفي:

- الإفصاح عن الأسس العامة التي اتبعها المصرف في توزيع الأرباح بين المساهمين وأصحاب حسابات الاستثمار المطلقة.

- وعن الأسس العامة التي اتبعها المصرف في تحميل المصروفات على حسابات الاستثمار المطلقة.

- وعن الأسس المتبعة في تحميل المخصصات ومن تؤول إليه عند إلغائها.

- عن إجمالي المصروفات الإدارية التي حملت على حسابات الاستثمار المطلقة.

- عن النسب المختلفة لتوزيع الأرباح بين المساهمين وأصحاب حسابات الاستثمار المطلقة التي استخدمها المصرف في الفترة المالية الحالية.

- عن أي زيادة في نسبة ربح المصرف أثناء الفترة.

- عما إذا تم إشراك أصحاب حسابات الاستثمار المطلقة في أرباح استثمار أموال الحسابات الجارية وما في حكمها.

- عما إذا تم  إشراكهم في إيرادات العمليات المصرفية.

- عن أموال أي من الطرفين أعطي الأولوية في الاستثمار.

ومن أهم ما جاء في هذه المعايير بخصوص الإفصاح عن أسس توزيع الأرباح بين أصحاب حسابات الاستثمار المقيدة والمصرف الإسلامي:

- الإفصاح عن أسس توزيع الأرباح بين الطرفين.

- وعن الأسس المتبعة في تحميل المخصصات ومن تؤول إليه عند إلغائها.

- عن نسبة توزيع الأرباح بين الطرفين.

- عن أسس تحديد الأرباح التحفيزية التي يحصل عليها المصرف من أرباح حسابات الاستثمار المطلقة أو المقيدة إذا كانت ذات أهمية نسبية.

- عن أسس توزيع الأرباح التحفيزية في حالة الوكالة بالاستثمار إذا كانت ذات أهمية نسبية.

- حقوق أصحاب حسابات الاستثمار المطلقة وما في حكمها.

   فإذا علمنا أن هذه العملية يتم تدقيقها مالياً وشرعياً في جميع مراحلها فالأصل أن تكون سليمة إلا إذا اتفقت جميع الأطراف على خيانة أصحاب حسابات الاستثمار وهو أمر مستحيل الحدوث.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)  أبو داود – كتاب الإجارة-ج3 ص291

(2)  الصديق العزيز – أشكال وأساليب الاستثمار –ص17

(3) انظر حسين سمحان، العمليات المصرفية الإسلامية: المفهوم والمحاسبة، م. س، ص 131 – ص 141.