الصورة
الصورة
التحديات التي تواجه المصارف الإسلامية

   بالرغم من النجاح الذي حققته المصارف الإسلامية خلال مسيرتها المباركة، إلا أن هناك صعوبات وتحدِّيات جمَّة تواجهها هذه المصارف، منها ما يتَّصل بطبيعة عملهــا، ومنها ما يتَّصل بإدارات المصارف ذاتها، ومنهـا ما يتَّصل بالتَّشريعات المصرفيَّة المحليَّة، ومنهـا ما يتَّصل بالظُّروف والمتغيِّرات الدُّوليَّة.

   تتلخص التحديات الذاتية بنقص (بل وبانعدام) التنسيق والتعاون بين المصارف الإسلامية في مجالات السيولة والاستثمار المشترك وتبادل المعلومات حول الأخطار المصرفية وتبادل الخبرات المصرفية ومجالات البحوث والتنسيق الإعلامي، وغير ذلك من المجالات.

   وتتلخص التحديات المحلية في عدم تفهم (أو ربما عدم رغبة) القائمين على الرقابة المركزية في البلدان الإسلامية لطبيعة عمل المصرف الإسلامي وعظم الدور الذي يمكن أن يؤديه في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في هذه البلدان.

   بينما تتلخص التحديات الخارجية في سيادة ظاهرة العولمة ومقتضياتها، ومتطلبات ما يسمى بمقررات لجنة بازل، والأخطر من ذلك هواستعداد العديد من الجهات الدولية لاتهام المصارف الإسلامية إما بتمويل الإرهاب أو بالمساعدة على عمليات غسل الأموال، أو بكلا الأمرين معاً.

   تختلف درجة الصعوبة في مواجهة هذه التحديات باختلاف مصادرها، ففي حين تكون السيطرة على التحديات التي أسميناها التحديات الذاتية سهلة نسبياً، فإن مواجهة التحديات الأخرى تكون من الصعوبة بمكان، ذلك بأن التحديات الذاتية هي من صنع إدارات المصارف الإسلامية ذاتها، وبالتالي فإن مواجهتها ممكنة للغاية، ولا تتطلب إلا التعاون وتنسيق المواقف ونبذ دواعي الأنانية والفرقة.

   إن القدرة على مواجهة التحديات المحلية ستكون صعبة، ما لم تعمل المصارف الإسلامية على توحيد مواقفها ومطالبها إزاء المصارف المركزية، أما مواجهة التحديات الخارجية فستكون مستحيلة، ما لم تتدارك المصارف الإسلامية بتطوير أنظمتها والأخذ بمستجدات العصر (دون الإخلال بالتزامها الشرعي)، وما لم تتدارك البلدان الإسلامية مخاطر تفرقها، والحد من مظاهر الفساد والفوضى التي تتسم بها معظم هذه البلدان.

   يحاول البحث إلقاء الضوء على هذه التحديات بشيء من التفصيل، واقتراح الحلول التي يراها الباحث مناسبة لمواجهتها، أو على الأقل الحد من الآثار السلبية المترتبة عليها، وذلك بدعوة الأطراف ذات العلاقة  (المصارف الإسلامية ذاتها، المصارف المركزية، المؤسسات الأكاديمية ومراكز البحوث العلمية، والجهات الرسمية المختصة برسم وتنفيذ السياسات الاستثمارية) لاتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة في الوقت المناسب، تحقيقاً للمصلحة العليا المتمثلة في إحداث التنمية وإشاعة الاستقرار الاقتصادي والسلم الاجتماعي في ربوع الاقتصاد الوطني  لكل قطر من أقطار العالم الإسلامي.