النبات والخضر من آيات الله في الأرض، ومن بدائع صنعه في الخلق والتقدير، والنبات كائن حي يتنفس وينمو ويكبر ويحيا ويموت حسب سننه تعالى في الكون، فهو يسجد لعظمته ويسبح بحمده، وقد سخر الله النباتات للإنسان، يأكل منها، ويتنفس هواءها، ويتمتع بما تخرجه من بطونها؛ غذاء ودواء وكساء وجمالاً وبهجة، حتى لدواب الأرض وطيورها وحشراتها.
ويشمل الخضر كل أنواع النباتات؛ الغابات الكثيفة، والأشجار الباسقة، والحدائق ذات البهجة، والثمار اليانعة، والمراعي الخضراء، والأزهار والورود والرياحين، والأعشاب والبذور بمختلف الألوان والأصباغ والأشكال والأحجام والأوراق. والعائلة النباتية هي الحياة لكل من دب على الأرض من البشر والحيوانات وطيور السماء، ولولا هذا الخضر ما كان للبشرية أن تعيش لحظة على سطح الأرض، وتعتبر عملية الإنبات هي الخضر الذي أخرج الله به "نبات كلّ شيء". فهو الشريط الوراثي الذي يحدد تعليمات تصنيع الكائن الجديد، وهو الذي يساهم في بناء الخلية فيما بعد، وذلك في قوله تعالى "نخرج منه حبّاً متراكباً". فمنه يخرج الحب المتراكب وكما تخرج منه ثمرات النخيل والأعناب والزيتون وسائر الثمار، وما ذلك إلا لاحتوائه على المواد العضوية أي البلاستيدات الخضراء الموجودة في خلايا النباتات والطحالب.
ويقدر العلماء أنواع العائلة النباتية بـ 8.7 مليون نوع؛ منها 6.5 مليون في البر، و 2.2 مليون في البحر، بينما بلغ عدد أنواع العائلة النباتية التي تم تصنيفها حتى الآن بحوالي 360,000 نوع منها 60,000 من الأشجار التي يقدر عددها بـ 3.040 بليون شجرة بمعدل 400 شجرة لكل واحد من سكان الأرض، وتبلغ مساحة الأرض المزروعة 37.5 % من مساحة الأرض، كما يقدر عدد العاملين في القطاع الزراعي ب 42 % من سكان العالم.
وقد أولى القرآن الكريم أهمية كبيرة إلى النبات والزراعة ومشتقاتها وما يخرج منها في 152 آية، وأقسم بالتين والزيتون لشرفهما في طعام الإنسان وغذائه، وأخرج المرعى للدواب والأنعام، وأنشأ جميع الأشجار والغابات والحدائق الغناء، وهو سبحانه فالق الحب والنوى، وهو الذي أخرج من الأرض كل زوج بهيج وكل زوج كريم.
ونظراً لأهمية هذا النبات الأخضر، ولأنه المصدر الأساس للغذاء في حياة البشر والأنعام والدواب، ومن أجل تدبر الآيات الكريمة المتعلقة بهذا العالم الفسيح فإن الجمعية الأردنية لإعجاز القرآن والسنة تقيم اليوم العلمي الخامس عشر "فأخرجنا منه خضراً" تحت رعاية معالي وزير الزراعة المهندس خالد الحنيفات، وبمشاركة نقابة المهندسين الزراعيين، ومشاركة نخبة من العلماء والباحثين الذين يقدمون أوراقاً علمية إيمانية تتناول الغابات وتأثيرها على الإنسان والبيئة، وطاقة الأشجار، وإخراج الخضر من النباتات، واهتزاز الأرض، والأوراق وسقوطها، وفاكهة الرمان، وكلها من آيات الله في الخلق والتقدير والإبداع، وهي تدعو المؤمنين إلى النظر إلى ثمرات هذه الإخراجات، وتدبر عجيب صنعها وشكلها وطعمها ولونها، لكي يوقنوا بأن الله حق، وأنه أبدع وأحسن كل شيء خلقه، وأنه كذلك منزل القرآن العظيم : ﴿ٱنظُرُوٓاْ إِلَىٰ ثَمَرِهِۦٓ إِذَآ أَثۡمَرَ وَيَنۡعِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكُمۡ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ﴾.