الإنسان خلقه الله بيديه ونفخ فيه من روحه، خلقه في أحسن تقويم وفي أحسن تسوية وتعديل، وصوره فأحسن تصويره، وجعله أجمل المخلوقات وأرقاها تكويناً وقدرات؛ فجعل له عينين، ولساناً وشفتين، وخلق لحمه وعظامه، وجعله سميعاً بصيراً متكلماً، وأمده بالعقل والتفكير، ومنحه قلباً ينبض ولساناً يتكلم، وزوده بالعقل وبأدوات السمع والبصر والمعرفة ليرتقي في دراسة الكون الذي سخره له ليعمره ويكتشف أسراره ويغوص في أعماقه وليعبده ويشكره وأرسل له الرسل لهدايته، وجعل في النفوس الإنسانية آيات لأولي الأبصار، وآيات للذين يعقلون وآيات لأولي الألباب.
وفي العصر الحديث الذي انفتحت فيه ثورات في العلوم في البر والبحر والفضاء والصناعة والهندسة والطب وفي جسم الإنسان وأعضائه وخلاياه، فلا يكاد يمر يوم إلا ويكتشف العلماء سراً من أسرار الإنسان؛ في جسده وعقله وعينه وقلبه، وتلك نعمة كبرى منّ الله بها على هذا الإنسان الذي خلقه من قبل ولم يك شيئاً. وهذه العناية الإلهية في الخلق والتركيب والإبداع على هذا النحو الفائق، في تكوينه الجثماني البالغ الدقة والتعقيد، وفي تكوينه العقلي الفريد، وفي تكوينه الروحي العجيب لتشير إلى أن لهذا الإنسان شأناً ووزناً في نظام هذا الوجود، فالله لم يخلق الكون إلا بالحق، ولم يخلق الإنسان عبثاً ولن يتركه سدى فإن له دوراً مهماً في إعمار هذا الكون الذي سخره له ومهده له قبل أن يولد.
وفي ظلال هذه المعاني ولفهم أسرارها ولتدبر آياتها ومعانيها فقد أقامت الجمعية الأردنية لإعجاز القرآن الكريم اليوم العلمي السابع عشر بعنوان " لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم"، في قاعات المستشفى التخصصي وبحضور مكثف من الجمهور وبمشاركة نخبة من الأساتذة الأطباء والعلماء قدموا فيه ثمانية أوراق عن الإعجاز في خلق الإنسان في أحسن تقويم: في عينيه وبنانه، وفي قلبه ودماغه، وفي جلده وعظامه، وفي إبداع صورته وفي تناسق أعضائه ليزداد المؤمنون إيماناً، والعلماء علماً ويقيناً وليقوم الباحثون بعمل الدراسات المختلفة لكشف أسرار هذا المخلوق الذي جعله الله خليفته في الأرض، وفضله على كثير من خلقه وليعلم الناس أن الذي خلق السماوات والأرض هو الذي أنزل القرآن وخلق الإنسان وصوره في أبدع صوره.
وقد تضمن برنامج اليوم العلمي المواضيع الآتية:
1. ألم نجعل له عينين / د. سرى سبع العيش
2. الهيكل العظمي ودوره في بناء الإنسان / د. طارق التميمي
3. الدماغ والأعصاب نعمة إلهية كبرى / د. بلال الهواري
4. القلب ودوره في حياة الإنسان / د. عاصم البلعاوي
5. بلى قادرين على أن نسوي بنانه / م. حاتم البشتاوي
6. تجميل الإنسان / د. عمر الشوبكي
7. الإعجاز في جلد الإنسان / د. سمير الحلو
8. الإبداع الهندسي في خلق الإنسان / د. م. عبد الله الشرمان
وقال المهندس حاتم البشتاوي - رئيس الجمعية - في افتتاح فعاليات هذا اليوم العلمي: إن الجمعية تضم نخبة من العلماء والمتخصصين في شتى حقول المعارف العلمية والطبية والهندسية والفقهية والشرعية والأدبية وتقوم بتأصيل الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية، هذا العلم الذي أصبح لغة العصر الحاضر والتي نخاطب بها غير المسلمين ليدخلوا في هذا الدين، والمسلمين ليزدادوا إيماناً، كما تقوم الجمعية على فتح آفاق جديدة في الدعوة إلى الله على بصيرة مستخدمين الأساليب الحديثة والدراسات العلمية، وقد أقامت حتى الآن منذ تأسيسها عام 2010م حوالي 70 محاضرة، و17 يوماً علمياً، وهي تمد يدها للعلماء والباحثين للمشاركة في نشاطاتها ودعمها المادي والعلمي.
